جاء في إنجيل مرقس
( فسخّروا رجلا مجتازا كان آتيا من الحقل وهو سمعان القيرواني أبو ألكسندرس وروفس ليحمل صليبه. . وجاءوا به إلى موضع جلجثة الذي تفسيره موضع جمجمة وأعطوه خمرا ممزوجة بمرّ ليشرب فلم يقبل ولما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها ماذا يأخذ كل واحد. ( مرقص 15/21-24 )
قد يعترض معترض ويقول ان هذا خطأ من كاتب الإنجيل, وان النصوص التي جاءت بعد الصلب تتحدث عن قيامة يسوع المسيح, وهذا صحيح ولكن اتفق العلماء ان عددا من النصوص ليست أصلية وإنما أضيفت في القرون اللاحقة, ويكفي ان خاتمة الإنجيل لا أثر لها في مخطوطتي السينائية والفاتيكانية’ ويزعم بعض المدافعين ان الخاتمة كانت معروفة لنساخ المخطوطتين لكنهم لم ينقلوها لسبب غير معلوم, ولكن يبقي هذا مجرد ظن
ولأن إنجيل مرقص كان دليلا قاطعا علي عدم صلب المسيح’ غير كاتبي إنجيل متى ولوقا السياق’ غير ان هذا لم ينه الخلاف حول من هو المصلوب, فما كان من كاتب إنجيل يوحنا اللاهوتي إلا ان حذف القصة كاملة, أي قصة سمعان وذلك بعد سبعين عاما من رفع المسيح عليه السلام .. فهل وجدت قوما أكثر جراءة في الافتراء علي الله ؟
ومن الشواهد السابقة يتضح لنا ان النصارى اختلفوا في قضية الصلب واختلفوا في شخصية المصلوب وتناقلوا الإشاعات والظنون ( وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ) وكل ما فعله أئمة الإسلام هو أنهم نقلوا إلينا تلك الخلافات المبنية علي الإشاعات والظنون ... أما المسلمون فلا يهمهم معرفة من هو الشبيه, والقضية المحورية في الإسلام هي أن المسيح عليه السلام لم يصلب’ وهذا أمر حسمه القرآن (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) وهذا أمر لا خلاف عليه بين المسلمين .. فهل قاعدة زكريا بطرس لا تزال قائمة ؟ أي هل لا يزال القمص متمسك بقوله " ونحن نعلم جيدا القاعدة القانونية التي تقول أنه إذا تضاربت أقوال الشهود كان ذلك برهانا على بطلان الادعاء أساساً!!! " ( ص 5 )
بعد أن أثبتنا اختلاف النصارى في قضية الصلب بجدر بنا أن نناقش أقوال من قالوا بان يسوع المسيح صلب لنري هل يمكننا أن نأخذ بشهادتهم أم لا ؟ وفي نقاشنا لهذا الأمر سوف نلتزم بالقاعدة الذهبية التي وضعها لنا القمص زكريا بطرس, وحين نتحدث عن تناقضات الكتاب المقدس يجب أن لا ننسي أن مفهوم الوحي في النصرانية يختلف عن مفهوم المسلمين, فالوحي في الكتاب المقدس حسب تعريف اللاهوتيين هوعبارة عن خبرة ذاتية ناتجة عن استطلاع الأخبار أو الاستفسار من الشهود