إختلاف الأناجيل
تناقضات الأناجيل في رواية الصلب تبدأ منذ الخيانة والقبض علي يسوع حيث يخالف لوقا الأناجيل الثلاثة الأخرى بإضافة رؤساء الكهنة إلي من جاءوا للقبض علي يسوع ( لوقا 22/52 )
ويذكر يوحنا 18/5 ان يسوع عرف ينفسه لمن قدموا يقبضون عليه, بينما تذكر الأناجيل الأخرى ان اليهود وحلفائهم استعانوا بيهوذا في التعرف علي يسوع وقد أعطاهم يهوذا علامة فقال (الذي اقبّله هو هو.امسكوه ) متى 26 / 48 .. وفي هذه العلامة هفوة لا تغتفر إذ تصور يسوع كأحد المجاهيل وهذا ما لا يمكن تصوره في رجل أقام الموتي وشفا الأمراض فعرفه القاصي والداني
واختلفت الأناجيل في توقيت القبض والمحاكمة وعدد جلسات المحاكمة فتذكر ثلاثة من الأناجيل ان المحاكمة تمت في نفس الليلة التي قبض عليه ويخالفهم إنجيل لوقا الذي جعل المحاكمة في اليوم الثاني للقبض عليه ( متى 26/57 .. مرقص 14/53 .. يوحنا 18/3 .. لوقا 22/66 )
ورغم ان لوقا يخالف الأناجيل الثلاثة في توقيت المحاكمة إلا أنه يوافق متى ومرقص في ان القبض تم اثناء عيد الفصح ( لوقا 22/7 ) ويذكر لوقا, مرقص ومتي ان يسوع احتفل بالفصح وتناول مع التلاميذ ثم تم القبض عليه .. ويخالف إنجيل يوحنا الأناجيل الأخرى فيذكر ان القبض علي يسوع تم قبل تناول ذبيحة الفصح إذ يقول ( ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية.وكان صبح.ولم يدخلوا هم إلى دار الولاية لكي لا يتنجسوا فيأكلون الفصح ) 18/28 ) كما ان يوحنا يذكر العسكر سلموا يسوع إلي حنان حما قيافا ثم مضوا به إلي قيافا رئيس الكهنة ( 18/3) وهذا مخالف للأناجيل الثلاثة الأخرى التي تخبر ان العسكر سلموا يسوع إلي قيافا (. والذين امسكوا يسوع مضوا به إلى قيافا رئيس الكهنة حيث اجتمع الكتبة والشيوخ ) متى 26/57 )
يرد النصارى علي التناقض بخصوص عيد الفصح ويقولون ان الخلاف ناتج بسبب الخلاف في تحديد بداية الشهر ( التقويم القمري ) وهذا غير صحيح لعدة أسباب أولها ان المدينة واحدة ثانيا عيد الفصح ليس في أول الشهر وإنما يوافق اليوم الرابع عشر مما يعني ان الخطأ يمكن تداركه, ثالثا تحديد عيد الفصح ليس شانا فرديا وإنما هو عيد جماعي يحدده المجمع اليهودي ولا يملك أحد مخالفة ذلك, ليس فقط لأنه مخالف للقانون اليهودي ولكن أيضا لأن المجمع يدير شئون المعابد ولا يسمح لأحد بإقامة الطقوس في غير وقتها’ ومن شروط إتمام الفصح ذبح الذبيحة داخل المعبد وإراقة الدماء علي مذبح الهيكل ( أتظر تفسير وورين ويسب لإنجيل متى 26 )
Matthew 26:1-16 [3]
فإذا كانت السلطات الدينية تسيطر علي المعابد الشريعة اليهودية تحدد وقتا معينا للذبح’ فانه يستحيل علي أحد الاحتفال بالفصح في غير وقته
, ويؤكد تفسير الوعاظ علي ما ذكرنا , وعلاوة علي ذلك يذكر تفسير الوعاظ استحالة موافقة يسوع علي مخالفة التوراة في مثل هذا الشأن الجليل وهو الذي بكت اليهود علي خطية واحدة ( تفسير الوعاظ لإنجيل متي 26/18 ) [4]
.
إذن لا شك في ان كتبة الأناجيل اختلفوا فهل يمكننا معرفة القول الصحيح ؟ أم ان كل الأقوال غير صحيحة ؟
كما ذكرنا هناك من يحاول جمع الروايات لإيجاد حلا للتناقص العويص وقد ثبت ان محاولاتهم فاشلة للأسباب التي ذكرناها .. ولكن هناك أيضا جماعة من اللاهوتيين يرون صحة الأناجيل الإزائية وخطأ إنجيل يوحنا أو تعمد الخطأ بالنسبة لمن يرون ان مخالفة يوحنا للأناجيل الأخرى وراءه هدف عقائدي’ ويري هؤلاء ان يوحنا أراد تصوير يسوع المسيح كذبيحة الفصح ففعل ما فعل, غير أن ما يحبر الألباب هو ان يوحنا رغم معارضته للأناجيل الإزائية نوراه يوافقهم في ان الصلب تم يوم الجمعة فقال في الإنجيل المنسوب إليه
. ثم اذ كان استعداد فلكي لا تبقى الاجساد على الصليب في السبت لان يوم ذلك السبت كان عظيما سأل اليهود بيلاطس ان تكسر سيقانهم ويرفعوا ( 19/31 ) وهذا القول يوافق فوليي لوقا البشير 23/54 ومرقص 15/42 وهذه الموافقة تحدي آخر لمن قال ان يسوع المسيح احتفل بالفصح يوما واحدا قبل العيد الرسمي ..
ومع ان يوحنا يوافق أللآخرين في صلب يسوع المسيح يوم الجمعة إلا إننا نجد ان الأباء اختلفوا في يوم الصلب اختلافا شديدا وصفته الموسوعة الكاثوليكية بالتيه فقد قال القديس ابيفانيوس انه صلب يوم الثلاثاء وقال لاکتانتیوس أنه صلب السبت’ أما ولسكوت فقال بالخميس بينا نفي آخرون يوم الجمعة دون تحديد يوم معين
الموسوعة الكاثوليكية, ج8 ص 727 [5]
ومرة أخري يتخبط كاتب إنجيل بوحنا اللاهوتي, وفي نفس الموضوع فنجده يضع حادثة الصلب بعد أربع أيام من توقيت الأناجيل الأخرى,, فوفقا لمتي ومرقص حادثة دهن مريم لأرجل يسوع المسيح تمت قبل يومين من عبد الفصح بنما يضع يوحنا هذه الحادثة قبل ستة أيام من الفصح
جاء في إنجيل متى 26/2
تعلمون انه بعد يومين يكون الفصح وابن الإنسان يسلم ليصلب
الي أن يقول
. وفيما كان يسوع في بيت عنيا في بيت سمعان الأبرص
تقدمت إليه امرأة معها قارورة طيب كثير الثمن فسكبته على رأسه وهو متك
فلما رأى تلاميذه ذلك اغتاظوا قائلين لماذا هذا الإتلاف
لأنه كان يمكن أن يباع هذا الطيب بكثير ويعطى للفقراء
وهنا يجيب يسوع المسيح
( 26/11 ) لان الفقراء معكم في كل حين.وأما أنا فلست معكم في كل حين
ويتحدث يوحنا عن نفس الحدث فيقول في 12/1
ثم قبل الفصح بستة أيام أتى يسوع إلى بيت عنيا حيث كان لعازر الميت الذي أقامه من الأموات.
فصنعوا له هناك عشاء.وكانت مرثا تخدم وأما لعازر فكان احد المتكئين معه فاخذت مريم منا من طيب ناردين خالص كثير الثمن ودهنت قدمي يسوع ومسحت قدميه بشعرها.فامتلأ البيت من رائحة الطيب
لماذا لم يبع هذا الطيب بثلاث مئة دينار ويعط للفقراء
ويجيب يسوع المسيح
اتركوها.انها ليوم تكفيني قد حفظته
لان الفقراء معكم في كل حين.واما انا فلست معكم في كل حين
ويرد المفسرون علي هذا التناقض بالقول ان متى ومرقص لا يكتبان بالترتيب الزمني, وهذا استخفاف بالعقول لا يستحق حتى ان يرد عليه فلنترك الحكم للقارئ
ينص الكتاب المقدس علي ان اليهود تجنبوا القبض علي يسوع في يوم العيد ( ولكنهم قالوا ليس في العيد لئلا يكون شغب في الشعب ) ( مرقص 14/2)
لقد خشيت السلطة الدينية من ثورة الشعب .. ويصور لنا النصارى علي ان السلطة الدينية تخشي من شغب أتباع يسوع وهذا يخالف تصوير الكتاب المقدس لأتباع بيسوع, فهم قلة قليلة, وأقرب أتباعه تركوه وهربوا بينما كبيرهم وقائدهم بطرس أنكر يسوع ولعنه لينجوا بجلده .. ومن كان هذا حالهم فلا يتوقع ان يعمل اليهود لهم أي حساب
إذا كان النص لا يقصد أتباع يسوع فأي طرف يقصد إذن ؟
انهم اليهود المتشددون في الشريعة فشريعتهم لا تسمح بإجراء محاكمة أي شخص ليلا أو في الأعياد هذا بخصوص التهم التي فيهما الحكم بالإعدام
ولا تبيح الشريعة اليهودية تنفيذ الحكم في الأعياد ولا حتى بدفن الميت .
جاء في التلمود ترجمة جوسف باركلي
CHAPTER IV. Treatise X. The Sanhedrin
الخصومات المالية تبدأ إجراءاتها نهارا وتنتهي ليلا والتي تخص القصاص ( النفس ) تبدأ نهارا وتنتهي نهارا في نفس اليوم إن كان الحكم بالبراءة ويؤجل الحكم لليوم التالي إذا كان بالإدانة ولا تجري محاكمات يوم الجمعة أو قبل يوم العيد ( صفحة 185 )[6]
.وهذا ما بجعل كل الأقوال غير صحيحة إذ ان عيد الفصح يليه عيد الفطير ويستمر أسبوعا كاملا مما يجعل ما يسمي بأسبوع الألام كله أسبوعا زائفا