أف 1: 10
"لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ، لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ،"
هل يقصد الرسول هنا الخلاص الجامع universalism؟ أي أن كل البشرية حتى الأشرار يخلصون، وحتى إبليس وملائكته يخلصون؟ ماذا يقصد بقوله: "ليجمع كل شيء في المسيح، ما في السماوات وما على الأرض"؟
الإجابة
يقدم الرسول عبارة مشابهة في رسالته إلى أهل كولوسي: "لأن فيه سُرّ أن يحل كل الملء، وأن يصالح به الكل لنفسه عاملاً الصلح بدم صليبه بواسطته، سواء كان على الأرض أم في السماويات" (كو 1: 19-20).
ماذا يعني بقوله: "كل شيء"؟
1) ما كان يشغل قلب الرسول بولس ويبهج نفسه أن السيد المسيح قد جاء مخلصًا للجميع، للأمم كما لليهود. فهو يبشر أهل أفسس كما أهل كولوسي وغيرهم أن المخلص قد فتح لهم باب الرجاء، وصار الخلاص للجميع (أف 1: 14-22).
2) في الرسالة إلى أهل فيلبي يكتب: لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء وما على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب" (في 2: 10-11). السجود وإحناء كل الركب يمارسه الجميع، لكن شتان ما بين سجود الملائكة والمفديين، إذ يقدمون ذبائح الشكر والتسبيح والحمد على محبته الفائقة؛ وبين سجود إبليس وملائكته والأشرار، إذ يكتشفون أنهم في مذلةٍ ومرارةٍ، لأنهم لم يقبلوا الرب ولا أطاعوه، وكما قيل في المزمور 110: 1: "اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك تحت قدميك". هذا اعتراف بأنه ربهم، لكنهم لا يتمتعون بالشركة معه في أمجاده بسبب عصيانهم. إنه اعتراف الأعداء المنهزمين، لا المؤمنين المنتصرين به.
3) أكَّد في الرسالتين أن الله قدم من جانبه الخلاص للجميع، لكن بقي الأمر في يد الإنسان أن يقبل أو يرفض.
أف 1: 11
"الَّذِي فِيهِ أَيْضاً نِلْنَا نَصِيباً، مُعَيَّنِينَ سَابِقاً حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ"
هل يؤمن الرسول بالحتمية أو القضاء والقدر، بقوله: "معينين سابقًا حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب رأي مشيئته"؟ هل سبق فعين الله الذين يخلصون؟ وسبق فعين الذين يهلكون في الجحيم؟
الإجابة
1) تعرض الرسول بولس لهذه المشكلة بأكثر توسع في الرسالة إلى أهل رومية الاصحاح التاسع. واجه القديس بولس كرسول للأمم كراهية شديدة ومقاومة من كثير من اليهود الذين قبلوا الإيمان بالمسيح. فقد بقي في ذاكرتهم أنهم شعب الله المختار، ولا يمكن قبول أحد في الملكوت ما لم يتهود أولاً ويقبل الناموس الموسوي والشرائع اليهودية. لذلك أكد الرسول لهم قول الله لموسى النبي: "أرحم من أرحم، وأتراءف" (رو 9: 15). فالله الذي وهب الرحمة لليهود كشعب من حقه أن يرحم الأمم أيضًا. هنا يتحدث عن قبول الأمم والشعوب في حظيرة الإيمان خلال رحمته ومحبته.
لا ننسى أن الله الذي اختار اليهود شعبًا له، رفض منهم من أصروا على رفضه وعصيانه، بينما قبل من المصريين من قبلوه وخرجوا مع شعبه ودعوا باللفيف. وفي أرض الموعد أيضًا قبل الدخلاء من الأمم بينما هلك كثير من اليهود كأفراد.
2) أوضح الرسول بولس أن في تعيين الله للمؤمنين لا توجد محاباة: "الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم، ليكونوا مشابهين صورة ابنه" (رو 8: 29).
أف 2: 15
"مُبْطِلاً بِجَسَدِهِ نَامُوسَ الْوَصَايَا فِي فَرَائِضَ، لِكَيْ يَخْلُقَ الِاثْنَيْنِ فِي نَفْسِهِ إِنْسَاناً وَاحِداً جَدِيداً، صَانِعاً سَلاَماً"
هل يبطل السيد المسيح الناموس؟
الإجابة
كرسولٍ للأمم كثيرًا ما تحدث الرسول عن الناموس الموسى بكونه صالحًا، لكن إن قُبل بالروح، وعُرف عمقه الداخلي، ولا يُمارس في حرفية قاتلة.
1) الناموس مقدس، والوصية مقدسة وعادلة وصالحة" (رو 7: 12).
2) "الناموس روحي، وأما أنا فجسدي مبيع تحت الخطية" (رو 7: 14). فالعيب فيّ، فبكوني جسديًا لا أتطلع إلى الناموس بمنظار روحي. لذلك "الوصية التي للحياة هي نفسها لي للموت" (رو 7: 10).
3) غاية الناموس أن يقودنا إلى المسيح. فإذ نلتقي بالسيد المسيح نتطلع إلى الناموس بعينيّ المسيح الذي لم يُبطل الناموس بل كمله بأن كشف أعماقه (مت 5: 17-18). يقول السيد المسيح نفسه إن النبوات والناموس تنبأت عنه (مت 11: 13؛ لو 16:16). للدخول بالبشرية إلى الملكوت المسياني. فالناموس كان أشبه بالوصي الذي قادنا ونحن أطفال حتى نبلغ النضوج في المسيح يسوع كأبناء ليسوا قصَّر (غل 3: 24).
أف 4: 9-10
"وَأَمَّا أَنَّهُ صَعِدَ، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضًا أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى. اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضًا فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلأَ الْكُلَّ"
ما هي أقسام الأرض السفلى التي نزل إليها السيد المسيح؟
الإجابة
يرى البعض أن تجسد الكلمة، ونزوله في صورة عبد (في 2: 7) هو نزول إلى أقسام الأرض السفلى. فما مارسه من تواضعٍ وقبولٍ للألم والموت هو نزول. وكأن أقسام الأرض السفلى تشير إلى الأرض عينها.
يرى آخرون أنه نزول السيد المسيح إلى الجحيم للكرازة للذين سبقوا فرقدوا على رجاء خلاصهم، وتمتعهم بالخروج مع نفس المسيح إلى الفردوس (1 بط 3: 19).عندما تسمع هذه الكلمات لا تفكر في مجرد تحرك من مكان إلى مكان، وإنما ما قد قرره بولس في الرسالة إلى أهل فيلبي (٢: ٥ – ٩) يركز عليه هنا (أي الإخلاء حتى الموت موت الصليب وارتفاعه ليخضع الكل له)...لقد أطاع حتى الموت... فبقوله "أقسام الأرض السفلى" عني قبوله الموت وذلك حسب مفاهيم البشر... فقد قال يعقوب: "تنزلون شيبتي بحزن إلى الهاوية" (تك ٤٢: ٣٨)، وجاء في المزمور: "أشبه الهابطين في الجب" (مز ١٤٣: ٧)، أي يشبه الموتى.
لماذا نزل إلى هذه المنطقة؟ وعن أي سبي يتحدث؟ إنه يتحدث عن الشيطان، إذ سبي الطاغية، أي الشيطان أو الموت واللعنة والخطية...
يقول أنه نزل إلى أقسام الأرض السفلى فلا يكون بعده أحد، وصعد إلى فوق الكل حيث لا يكون بعده أحد. هكذا يظهر طاقته الإلهية وسمو سلطانه!...
نزوله إلى أقسام الأرض السفلى لم يضره، ولا كان ذلك عائقًا له عن صيرورته أعلى من السماوات. هكذا كلما تواضع الإنسان بالأكثر يتمجد! ذلك كما في الماء كلما ضغط الإنسان على الماء إلى أسفل ارتفع إلى أعلى.