نمط الخلاص
لقد كان خلق آدم وحواء(البشرية) في حال وسطى، لا هما مائتان ولا خالدان، فكانت ممارستهما لإرادتهما الحرة في الامتناع عن الأكل من ثمرة شجرة المعرفة هي التي حسمت الأمر. فلو حفظا الوصية (وأفرام يؤكّد كم كانت بسيطة)، لكان الله كافأهما لا بإعطائهما ثمرة شجرة المعرفة وحسب، ولكن ثمرة شجرة الحياة أيضًا، ولجُعلا خالدين وأُلِّها. غير أن واقع الحال أنهما أخفقا في حفظ الوصية، فطُردا من الفردوس وأُخضِعا للموت الذي يعتبره أفرام خلاصًا رحمانيًا من التبعات الرهيبة لعدم الطاعة.
من هنا أن تدبير الله كان توفير الواسطة لإعادة آدم/البشرية إلى الفردوس، مع الإستمرار في توقير هبة حرية الإرادة التي منحها للبشرية. ولكن لم يكن الله ليرغب في عودة البشرية إلى الحال الأولية الوسطى في الفردوس. في الفردوس الأخروي، ما ينتظر البشرية هو هبة الألوهة من شجرة الحياة، وهي ما قصده الله لآدم وحواء أصلاً. الفردوس الأولي والفردوس الأخروي ينتميان كلاهما إلى الزمان والمكان المقدسين، فهما موجودان أبدًا وموصولان مباشرة بنمط الخلاص المقدّم لكل كائن بشري. أما الطرد من الفردوس فيمثل الإنتقال من الزمان والمكان المقدسين إلى الزمان والمكان التاريخيين، أي الدخول إلى العالم الساقط للمكان الجغرافي والزمان التاريخي اللذين نحن عارفون بهما جيدًا.
هذا ويلاحظ أفرام النمط التفصيلي لتكامل سيرورة السقوط وسيرورة الإستعادة: كل التفاصيل بشأن السقوط يصبح معكوسًا بحيث يعرض علينا سلسلة من النماذج المتخالفة على رأسها آدم والمسيح، وحواء ومريم. يتّصف تاريخ الخلاص، والحال هذه، بكونه سيرورة استشفائية تمتد، في آن، إلى الوراء لتبلغ الزمن الأولي، وتنزل إلى أعماق حالة السقوط البشري. ففي التجسد، لا يلبس الله الكلمة "آدم" و"جسد آدم" وحسب، بل "جسدنا" و"البشرية" و"حالنا الضعيفة" أيضًا.
إن نمط التكامل يبدأ باستجواب مريم، بحكمة، للملاك، في مقابل إخفاق حواء، بغباء، في استجواب الحية. هذا التباين التراثي، بين طاعة مريم وعصيان حواء، ولّد لدى أفرام صورة الشيطان وهو يسكب السّم في أذن حواء. في مقابل ذلك توصف مريم بأنها حبلت عبر الأذن:
كما أنه عبر الحشا الصغير لأذن حواء
دخل الموت وتدفّق
كذلك من خلال الأذن الجديدة لمريم
دخلت الحياة وتدفّقت.
نمط التكامل هذا يصبح مترابطًا بإحكام في الآلام، كما تبيّن هذه الأبيات:
في شهر نيسان سدّد الرب
ديون آدم الأول ذاك:
أعطى في نيسان أعراقه في مقابل أعراق آدم
وأعطى عن شجرة آدم الصليب
اليوم السادس من الأسبوع قابل اليوم السادس للخليقة.
كذا كان عند "هبوب ريح النهار" (تكوين8:3).
أنه أعاد اللص إلى عدن (الكنيسة8:51).
أو على نحو أكثر تفصيلا:
ربنا أخضع قوته فأمسكوه
يعطي موتُه المحيي الحياة لآدم.
أعطى يديه لتخترقها المسامير
ردًا على تلك اليد التي قطفت الثمرة؛
ضُرب على الخد في قاعة المحاكمة
ردًا على ذاك الفم الذي التهم [الثمرة الحرام] في عدن،
لأن آدم انزلقت قدمه،
سُمِّرت قدما [السيد].
نُزِعت ثياب ربّنا لنلبس
نحن باحتشام؛
بالمر والخل حلّى
مرارة السم الذي أنفذته الحية
في الجنس البشري. (نصيبية1:36)
النمط إياه طُبِّق على القيامة :
قبر المسيح والبستان هما رمز عدن
حيث مات آدم ميتة مستترة،
لأنه فرّ وأخفى نفسه بين الشجر
كما لو دخل قبرًا وبه تغلف.
الأحد الحي، الذي أودع القبر،
نهض الآن في الحديقة
وأنهض آدم الذي سقط في البستان:
من قبر البستان أتى المسيح بآدم في مجد
إلى حفل الزواج في حديقة الفردوس.(الصلب 13:
.