هل ما نتناوله في الافخارستيا رمز أم أنه جسد حقيقي ودم حقيقي للرب يسوع؟
في نفس الليلة التي أسلم الرب فيها نفسه للصليب حُبا في خلاص البشرية سلَّم تلاميذه سر موته الرهيب وقيامته المجيدة تحت شكلي الخبز والخمر هما شركة جسده ودمه الذين بذلهما طوعا عن حياة العالم.
فالخبز المُقدم هو ناتج حبات القمح الكثيرة التي تم طحنها ليتشكل الخبز الواحد فنتناول منه جميعا إكليروسا وشعبا .
وفي الكأس المقدسة خمر ناتجة عن عصير حبات العنب الكثيرة وتتخمر لتتحد داخل تلك الكأس فيتناول منها الجميع فيشترك الجميع في هذا السر.
في القداس لا نُكرر ذبيحة الصليب فذبيحة الصليب ولو حدثت مرة واحدة إلا أن مفعولها مستمر حتى مجيء الرب الثاني ليدين الأحياء والأموات.
عندما نتناول الخبز المقدس الذي يستحيل بشكل حقيقي جوهري غير منظور إلى جسد الرب نتأمل الجسد الذي ثقبته المسامير على الصليب وجرحه إكليل الشوك نتأمل اليدين التين مدهما الرب على الصليب فجذب إليه الجميع ناقلا الكل من الظلمة إلى النور ومن الضلال إلى الحق ومن الموت إلى الحياة بل نتأمل المسيح المصلوب الذي كان الكاهن الذي قرَّب ذبيحة نفسه موفيا العدل الإلهي حقه الكامل عن خطايا كل البشرية لكل من يؤمن ويدخل دائرة الخلاص بالصليب ونوال المغفرة.
وعندما نتأمل في الدم داخل الكأس المقدسة نتذكر الجنب المطعون الذي انسكب منه الدم والماء فالماء أفاض المعمودية والدم أفاض الغفران لمن يغسل ثياب نفسه ويبيضها بهذا الدم الزكي الطاهر.
فما نتناوله على مذبح الرب جسد ودم حقيقي تحت شكل الخبز والخمر بهما نتحد بالرب ويسكن فينا وهو لمن يتناوله باستحقاق وانسحاق قلب وتوبة حقيقية نار تحرق أشواك خطاياه ويثبت في الرب ويثبت الرب فيه فهو القائل من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه.
أما من يتناوله عن غير استحقاق فهو مجرم إلى جسد الرب ودمه كما صرح بذلك بولس الرسول عندما وبخ أهل كورنثوس في رسالته الأولى إليهم الفصل 11 بل ويأكل ويشرب نارا تحرقه نفسا وجسدا.
فهل نستطيع تخيل عُمق هذا الحب الذي أحبنا إياه الرب؟ هل نقابل هذا الحب بحب أم بالجحود.
هو قمة الحب الذي يتجلى أمام المؤمنين على المذبح المقدس عندما يستدعي الكاهن الروح القدس على تقادم المؤمنين من الخبز والخمر فتتحول إلى جسد ودم الرب هو نفسه الجسد المكسور على الصليب وهو عينه الدم المُراق على الصليب وهو نفسه الجسد الذي قام من بين الأموات نتحد به ونؤلف معه وحدة حُب حقيقي جارف لا يعرف له حدودا ولا بقاعا جغرافية هو حب لا متناهي أحبنا به حتى النهاية.