مار ماري الرسول
أسس مار ماري كرسيه في المدائن أو هي ساليق وقطسفون قاعدة مملكة الفرثيين التي استولى كرسيها مع تمادي الزمان على كل كنائس المشارقة التي تشيدت في بلاد الجزيرة وفارس والعرب وتركستان والهند والصين. وكان ذلك سنة 49 للميلاد. وبعد أن دبر هذا الكرسي 34 سنة توفي في بادارايا سنة 83م. ولنا الآن في هذه المسألة نظر وهو: إن كان ماري هو أول أسقف قام على المدائن فلماذا يعد المشارقة في سلسلة جثالقتهم مار توما ومار أدي أيضاً؟ فنقول: لا ينكر أن مار توما ومار أدي كانا من أخص رسل الشرق فإنهما هما اللذان سعيا في زرع بذار الإنجيل فيه قبل كل أحد وأودعا فيه الكهنوت وسلمّا درجاته لتلاميذهما. إلا أن الذي أقام كرسي المدائن الذي تسلّط بعدئذ على كل كراسي المشارقة هو مار ماري. فهو زعيم أساقفة المدائن ورسول المشرق أيضاً. وفيه اشتدت عُرى الدين والخلافة. وزد على ذلك أن مار توما لم يقض حياته في هذه الناحية المشرقية بل انحدر إلى بلاد الهند حيث تكلل. وكذا مار أدي هو الذي أسس بدءاً كرسي الرها ومع ذلك فلعنايةٍ غير مدركة لم يُجز كرسيها تلك السلطة الوسيعة التي صارت لكرسي المدائن.
وأهم الأماكن التي استنارت ببشارة مار ماري هي بلاد الراذان وكان رئيسها هلقانا ذا ثروة عظيمة فبنى فيها كنائس كثيرة وعمّر ديراً وأوقف له الأوقاف. ثم كشكر وأخيراً دورقني القريبة من ساليق وهي قية بادارايا.
وكانت قُني أخت ارطبان ملك الفرثيين قد طلبت من مار ماري أن يشفيها من برصها فشفاها وتنصرت على يده. ووهبته ضياعها. وكانت دورقُني بيتاً للنار آلهة المجوس. فبنى فيها كنيسة وديراً وأُقيم فيه بعد ذلك مدافن لجثالقة المدائن.