رسل كنيسة المشرق من الصنف الأول
إن رسل المشرق من الصنف الأول هم برتلما ومتى وتدي تلاميذ الرب، وقد اتفق الشرقيون والغربيون على هذا التقليد المؤسس على وحدة الرأي أي أن الرسل الثلاثة الأولين قد بشروا بالإنجيل في بلاد المشرق ايضًا. أما بطرس الرسول فلم يقل بمجيئه في المشرق سوى المشارقة.
أما ملخص اخبار رسالة مار برتلما ومتى وتدّي فهو أن برتلما الرسول نادى بالإنجيل في بلاد الهند والفرس وارمنية حيث تكلل مجلوداً ومسلوخاً جلده ثم قطع رأسه. ومتى بشّر أولاً في بلاد العرب وما بين النهرين ومادي وتكلل سنة 90 للتاريخ المسيحي. أما تدّي فهو يهوذا الرسول نفسه الذي دُعي تدّي لكي يتميز عن يهوذا الأسخريوطي، فنادى بالإيمان في بلاد العرب وسورية والجزيرة. ثم توجه إلى بلاد الفرس حيث اتفق مع أخيه سمعان الملقب بالقناني أو الغيور للمناداة بالنصرانية وتكللا فيها.
رسل كنيسة المشرق من الصنف الثاني
إن رسل المشرق من الصنف الثاني هم مار توما ومار أدي أحد السبعين ومار أجي وماري تلميذاه.
أما خلاصة رسالة مار توما في المشرق فهي أن توما كان يُسمى يهوذا ودُعي كذلك لأنه كان توأماً ونادى بالإنجيل أولاً في الجزيرة وفارس ومادي. ونجح في رسالته ودعا إلى عبادة الله الحق كثيرين من الوثنيين بقوة الآيات التي كان يجترحها. وكان قد أرسل امامه إلى ابجر ملك الرها مار أدي ليبرئه من برصه ويبشره بملكوت السماء. فساعد ابجر الرسولين توما وأدي في اعمال رسالتهما. ثم انحدر توما الى بلاد الهند فثار عليه أهل الجاهلية فطعنوه بالحراب فتكلل في مليابور في 21 كانون الأول سنة 75 للميلاد.
ثم بعد مار توما يذكر المشارقة أدي وهو أحد السبعين رسولاً. وهو أول رسول أتى إلى بلاد ما بين النهرين وبحسب رواية مؤرخي بلادنا وتقاليد آبائنا إلى يومنا هذا أن أبجر ملك الرها كان قد دعا السيد المسيح إليه ليأتي ويُبرئه من بٌرصه وكان ذلك سنة 30 للمسيح، فلما قدم أدي إلى الرها برأ ابجر وعمّذه هو وحاشيته وسكان مدينته وشيد كنيسة في الرها. ولذلك صار يُعد أول أسقف عليها. ثم أنحدر إلى نصيبين وبلاد الجزيرة وآثور وباجرمي وهدى سكانها إلى الإيمان وكان اينما مر يؤيد دعوته بالمعجزات التي كان يجترحها. ثم عاد إلى الرها بعد اثنتي عشرة سنة وتوفي في 14 أيار سنة 49 للميلاد، وكان ابجر الملك القديس بعد على قيد الحياة. ودُفن في البيعة التي بناها في الرها.
ويُروى ايضاً أن أدي كان اسمه حنان وكان مصوراً وأنه ابجر ارسله برفقة ماري إلى السيد المسيح. فصور المسيح في منديل وأتى بصورته إلى الرها مع المكتوب الذي املأه المسيح على توما الرسول جواباً لابجر.
وقد تتلمذ لأدي من الرسل الذين عاونوه في الانذار بالإنجيل كثيرون ونخص منهم بالذكر أجي الذي أقامه اسقفاً وخليفة له على كرسي الرها. وماري الذي ارسله إلى أعماق المشرق واستبد بتدبير كرسي المدائن.
ويُروى عن أجي الرسول أنه كان بارعاً في نسج الثياب الحريرية. وكان قد خدم ابجر ملك الرها زماناً طويلاً بهذه الصفة. ثم تتلمذ لأدي الرسول واقتبل منه سلطان الكهنوت وصار رفيقه ومساعده في اكثر اسفاره للمناداة بالإنجيل في هذه البلاد. وبعد موت أدي معلمه تولى كرسي الرها وتوجه إلى بلاد آثور وفارس وبلغ تخوم الهند ونشر فيها راية الإنجيل. وكان أجي قد سمع بتخلف معنى لأبيه ابجر المؤمن في المُلك عن طريقة أبيه واعتناقه للخرافات الوثنية. فعاد حالاً إلى الرها ليُقوي شعبه في الإيمان. ولبث يدبر كرسيه ثلاث سنين، فأمره معنى أن ينسج له ثياباً حريرية فأبى معتذراً بأن وضيفته الرعوية لا تسوغ له ذلك. فأمر بكسر ساقيه.
أما مار ماري فكان قد أسيم اسقفاً على يد مار توما أو أدي معلمه. وعُين للبشارة في أقاصي المشرق فأهدى إلى الحق كثير من الشعوب بتعليمه وبالآيات التي كان يصنعها.
وكان ماري قد أسس كرسيه في المدائن أو هي سليق وقطسفون قاعدة مملكة الفرثيين التي استولى كرسيها مع تمادي الزمان على كل كنائس المشارقة التي تشيدت في بلاد الجزيرة وفارس والعرب وتركستان والهند والصين. وكان ذلك سنة 49 للميلاد. وبعد أن دبّر هذا الكرسي 34 سنة توفي في بادارايا سنة 82م.
وأجل افضال مار أدي ومار ماري على المشارقة هي أولاً انهما ترجما لنا الإنجيل إلى اللغة السريانية وثانياً انهما قد علما المشارقة رتبة القداس المعروفة بقداس الرسل وهو أقدم القداديس المعروفة اليوم وناشىء عن السنن الرُسلية.