عاد أكبر معرض سنوي للسيارات في أمريكا الشمالية ، والذي أفتتح الأسبوع الماضي، ببريق خافت في وسط تأمل صناعة السيارات الأمريكية المتعثرة في كسب مزيد من الزخم في عام 2010 مع التركيز على السيارات الأصغر حجما والأكثر محافظة على البيئة.
فبعد أزمة عويصة مرت فيها صناعة السيارات الأمريكية بصفة خاصة، وصناعة السيارات على وجه العموم، بأحد أسوأ أعوامها على الإطلاق، وكادت فيه أن تعصف بأبرز رموز الصناعة الأمريكية، أتى معرض ديترويت هذا العام متضائلاً في حجمه بصورة ملحوظة قياساً بدورته السابقة، ليعكس حقيقة الأوضاع المزرية التي عاشتها هذه الصناعة في العام الفائت .
وعلى الرغم من أن المعرض يزخر بتشكيلة من السيارات الفخمة، إلا ان السمة الغالبة على الدورة الجديدة تمثلت في التوجه المتنامي نحو السيارات الأكثر اقتصاداً في استهلاك الوقود، مع بساطة أكبر في طريقة عرضها . ليس ذلك وحسب، وإنما استعانت الشركات بعدد أقل من العارضات هذه المرة، مع تقديم مشروبات، ومأكولات بكميات أقل .
وتأمل شركات تصنيع السيارات العالمية في جذب المستهلكين الأمريكيين مرة أخرى للسوق بعد ركود اقتصادي عميق لعامين أدى إلى تراجع الصناعة بصورة كبيرة.
وقد زخر معرض السيارات في ديترويت بالسيارات الفخمة بيد أنها لا تفلت من الميل السائد في مجال صناعة السيارات، إلى الاقتصاد في استهلاك الوقود وبساطة أكبر في عرضها.
وقد حضر أكثر من خمسة آلاف صحفي المعرض، الذي عرض فيه ما ينيف عن 700 طراز مختلف من بينها عشرات السيارات الجديدة كلياً.
من بين الشركات الأمريكية العملاقة جاء عرض شركة كرايسلر في معرض ديترويت متواضعا. فالمجموعة التي نجت من الإفلاس بفضل المساعدات الحكومية الأمريكية أصبحت ملكا لشركة فيات الإيطالية، وقد اكتفت بعرض آخر أصنافها دون عقد مؤتمر صحافي. بالنسبة للشركتين الأخريتين اللتان تمتلك الحكومة الأمريكية حصة الأغلبية فيهما، فقد كان مختلفا. إذ عرضت مجموعة جنرال موتورز آخر موديلات بويك وشفرولية وكاديلاك وجي ام سي، حيث أعرب نائب رئيس المجموعة بوب لوتز Bob Lutz، عن أمله في تحقيق نموا من خلال نمو الطلب على السيارات. الذي من المتوقع أن يصل إلى 11.5 مليون سيارة تقريبا. علاوة على أن جنرال موتورز لا تنتج سوى أربعة علامات ما يعني فرصة لسيارة الشفروليه".
هذا وتعول الشركات الأمريكية على أصناف السيارات الصغيرة ومتوسطة الحجم. ويعقد نائب رئيس المجموعة Bob Lutz الأمل على أن يتم رد القروض الحكومية بأقرب وقت. "الهدف الأول لرؤساء جنرال موتورز هو رد أموال دافعي الضرائب والتحرر من ملكية الدولة."
هذا وتعتبر مجموعة فورد للسيارات الوحيدة التي خرجت من الأزمة المالية دون مساعدات حكومية،فقد حصلت على جائزة أفضل سيارة وأفضل شاحنة خفيفة لهذا العام وهو ما يشير إلى عودتها بقوة للسوق العالمية بعد التراجع الحاد في مبيعاتها خلال السنوات القليلة الماضية.
على صعيد الطرازات الجديدة فقد قدمت كاديلاك نموذج "اكس تي اس بلاتينوم" وهي "سيارة المستقبل الفخمة" بيد انها تقتصد في استهلاك الوقود وفي انبعاثات ثاني اكسيد الكربون. وهي تتمتع بنظام دفع هيدروليكي ومجهزة بمحرك قوي من ست اسطوانات مع بخاخ مباشر.
أما جي ام سي فقد قدمت طراز غرانيت الاختباري ، والتي تعتبره جي ام كنمط جديد من المركبات من جي إم سي، يمكنه أن يحاكي أفكار الأشخاص وتصورهم عن كيف يمكن أن يكون جي إم سي. وتطلق عليه مسمى مركبة حضرية متعددة الإستخدامات urban utility vehicle، وقد كان الهدف من بناء هذا النموذج إعادة تحديد ماذا يعني اسم جي إم سي لجيل جديد من العملاء الذين يبحثون عن التصميم الجريء والعملانية.
أما شفروليه العلامة الكبرى بين علامات جي ام، فقد قدمت في ديترويت مجموعة سياراتها الجديدة التي تتصدرها سيارة فولت الكهربائية، إلى جانب مجموعة سياراتها المدمجة الجديدة، مثل سبارك وآفيو آر اس وكروز.
وكشفت شركة هوندا اليابانية عن سيارة هجينة فخمة "ي ار-زد" رياضية ستباع في الولايات المتحدة بحلول الصيف. وهي تعمل على الكهرباء والوقود.
وعرضت كل من “تويوتا”، و”جنرال موتورز” مجموعة من السيارات التي تتميز بكفاءتها في استخدام الوقود، مثل شفروليه فولت الكهربائبة، وطراز لكزس ال اف سي اتش، بينما تقدم شركة فورد سيارتها “فوكاس” المدمجة، بعد طول انتظار .
وضمت لائحة الأسماء البارزة في صناعة السيارات الفخمة شركات كورفيت، وبنتلي، ومازيراتي، وفيراري، ولينكولن، وكاديلاك .
بيد ان الانكماش طال شركة بنتلي بشكل اكبر وتراجعت مبيعاتها بنسبة 50 % على ما يفيد المشرفون على جناحها في المعرض الذي لا يضم الا نموذجين من هذه الشركة.
بيد ان الانتعاش بات يدق الابواب. وتقول مصادر شركة صناعة السيارات البريطانية هذه "لدينا طلبيات على سيارة موسلان (تباع بحوالى 200 الف دلار) على عدة سنوات قبل أن تتاح هذه السيارة للبيع ".
أما شركات السيارات الألمانية فهي تعول على الأصناف الفخمة منها؛ مثل سيارة مرسيدس المكشوفة من طراز إي والتي تتميز بتخفيف عنف الهواء على الركاب الجالسين في الخلف. ويتوقع هذا القطاع تحقيق زيادة في المبيعات خاصة في السوق الأميركية قد تصل هذا العام إلى 10 في المائة وذلك من خلال التركيز على تقنيات قوة الدفع البديلة لدى سمارت وبي كلاس المتوسطة.
أما شركة أودي، والتي عرضت في ديترويت طرازها الكبير آي 8 بحلته الجديدة بالكامل، فهي تعتقد أن على السيارات ذات المحركات الكهربائية أن تكون جذابة حسب تعبير رئيس المجموعة روبرت شتادلر Rupert Stadler، لأن "المشتري ينتظر من أن تكون التقنية جيدة في كل الأحوال" حسب تعبيره. وعرضت شركة أودي طراز „E-Tron“ ضمن فئة السيارات الرياضية الكهربائية.
أما رئيس مجموعة بي.إم.في.كلاوس دريغر Klaus Dräger ، فذهب إلى أن " عام 2020 سوف يشهد ثلاثة أنواع من السيارات: العادية، الهجينة والكهربائية وأن السيارات الكهربائية ستختص بالمناطق السكنية والمدن الكبرى." وجزء من السيارات الكهربائية المعروضة من طراز „Concept Active E“ سيتم اختبارها في السوق في العام المقبل بأعداد ضئيلة".
وقد قدمت فولكس فاجن الألمانية الكبرى طراز Compact Coupe أي الكوبيه المدمجة الجديدة، بتصميم رياضي متوسط الحجم، يقع في وسط أحجام طرازات فولكس فاجن الرياضية.
الموعد العالمي القادم سيكون في أرض محايدة هي مدينة جنيف السويسرية في آذار مارس القادم.