بسم الثلوث القدس
" المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لو2: 14)
لقد بدأت رحلة خلاص البشرية من سلطان الموت
لقد أعطى عيد الميلاد المجيد للبشرية الأمل في إتمام وعد الله بأن نسل المرأة سيسحق رأس الحية، لذلك فإن ميلاد السيد المسيح يتميز بصفات كثيرة ، فهو :
1-ميلاد مجيد
2-ميلاد سعيد3-ميلاد فريد
أولا: ميلاد السيد المسيح ... ميلاد مجيد...
عندما نتذكر تسبحه الملائكة وهى تعطى المجد لله في الأعالي، الذي اتضع وأخلى ذاته وتنازل لكي يأتي ويولد كإنسان، من إنسانة كشبه البشر، نجد أن هذا الميلاد العجيب أعلن للمجوس عن طريق ظهور نجم غريب، ولذلك اخذ المجوس يتساءلون: "أين هو المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمه في المشرق واتينا لنسجد له" (مت2:2) والرب يسوع المسيح هو ملك الملوك ورب الأرباب، فهو ملك قبل ميلاده، ملك أيضا بعد ميلاده، ولكن ملكه لا مثيل له في البشرية كلها. " مملكتي ليست من هذا العالم" (يو18: 36) فهو لا يستمد سلطانه من سلطان أرضى أو بشرى، ولكن ليس لملكه نهاية "يملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية" (لو1: 33) وكذلك نجد أن السيد المسيح عند دخوله إلى أورشليم أستقبل كملك، فهتفت الجموع " مبارك الملك الآتي باسم الرب " (لو19: 38)
وعند محاكمة رب المجد، تساءل بيلاطس الوالي الروماني "أنت ملك اليهود؟ " (يو18: 33)، ـما السيد المسيح فكان يرفض الملك الأرضي والمجد الأرضيين قائلا: " مجداً من الناس لست اقبل " (يو5: 41)
ثانياً : ميلاد السيد المسيح ... ميلاد سعيد...
حينما ولد السيد المسيح فرحت البشرية، فقد تخلصت من الكابوس الثقيل الذي كان يجثم عليها منذ مخالفة أدم وحواء للرب، وأيضا فرحت الملائكة لأنه قد قرب أن تتم المصالحة بين السماء والأرض، لذلك أنشدت قائلة: " المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة" (لو2: 14) وكل من يحيا مع السيد المسيح حياة الشركة الحقيقية يتمتع بالسعادة والفرح، وكل من يقدم توبة حقيقية يعيش بفرح القلب ويتمتع بدم السيد المسيح المسفوك على الصليب وبعطاياه، لأنه هو القائل " لا ينزع أحد فرحكم منكم" (يو16: 22) لأنه يحيا مع المسيح حياة حب ويمارس وسائط النعمة ( اعتراف وتناول وصوم وصلاة) ، لذلك نجد أن السلام يملأ قلبه بفرح روحى عجيب " وبالناس المسرة" (لو2: 14)
ثالثا: ميلاد السيد المسيح ... ميلاد فريد...
ميلاد السيد المسيح ميلاد فريد من نوعه ولا مثيل له في كل التاريخ.. ونحن نتساءل :
(1) هل يوجد مولود يختار أمه؟! "الآب اطّلع من السماء ولم يجد من يشبهك يا مريم فيرسل وحيده فيأتي ويتجسد في بطنك"
(2) وهل يوجد مولود يختار اسمه؟ ! "يعطيكم السيد نفسه آية ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل " (أش7: 14)
(3) وهل يوجد مولود يختار نوعه؟ ! "لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديراً أبا أبديا رئيس السلام" (أش9: 6)
(4) وهل يوجد مولود يولد قبل أمه ؟! " عند ما نظرت الوالدة الحمل والراعي مخلص العالم على الصليب معلقاً، قالت وهى باكية: أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص، وأما أحشائي فتلتهب عند نظري إلى صلبوتك الذي أنت صابر عليه من أجل الكل، يا ابني والهي" ( من قطع الساعة التاسعة)
ان للسيد المسيح ميلادين: احدهما أزلي، قبل كل الدهور، فهو مولود من الآب ولادة أزلية أبدية مستمرة، ولادة معنوية روحية، وليست تناسلية جسدية، ولادة مثل ولادة شعاع النور من الشمس بلا انفصال وبلا فارق زمني.
أما الميلاد الثاني فهو في الزمن، حينما تجسد الأقنوم الثاني وحلّ في أحشاء السيدة العذراء مريم، فاتحد اللاهوت بالناسوت بدون اختلاط أو امتزاج أو تغيير.
(5) وهل يوجد مولود يختار مكان ميلاده؟! "أما أنت يا بيت لحم افراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل " (ميخا5: 2)
(6) وهل يوجد مولود من عذراء ؟! "ها العذراء تحبل وتلد ابناً " (أش7: 14)
(7) وهل يوجد مولود عند ميلاده ظهر نجم غريب، وزاره مجوس من المشرق؟! " ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية وفى أيام هيرودس الملك إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلى أورشليم قائلين أين هو المولود ملك اليهود فإننا رأينا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له" (مت2: 1، 2)
·حقا إن ميلاد السيد المسيح ميلاد عجيب، فهو ميلاد مجيد، وميلاد سعيد، وميلاد فريد من نوعه...
·فشكراً لك يارب لأنك ارتضيت أن تجيء إلى عالمنا وتدخل إلى حَيز الزمن...
إن الفداء هو السبب الأساسي للتجسد، فلقد جاء السيد المسيح إلى العالم ليخلص الخطاة، جاء ليفديهم، جاء ليموت وليبذل نفسه عن كثيرين...
لقد نزل الله إلى عالمنا مولودا من امرأة، فهو من حيث لاهوته غير محدود كإله، يمكن أن يقدم كفارة غير محدودة، تكفى لمغفرة جميع الخطايا لجميع الناس في جميع الأجيال.
وهو من حيث ناسوته يمكن أن ينوب عن الإنسان المحكوم عليه في دفع ثمن خطيته لقد تجسد السيد المسيح ليحمل خطيتنا، ويموت عنا، ويفدينا من عقوبتنا، ويهبنا خلاصا هذا مقداره...
+ فشكراً لك يارب من أجل هذا التنازل والاتضاع العجيب...
+ شكراً لك يارب لأنك أعدت الفرحة لقلوب البشرية، فلقد صار هناك معنى لحياتنا وأصبح هناك إمكانية لانتصارنا على الخطية، وصار لنا هناك رجاء في دخولنا إلى ملكوت السموات، ومعنى لوجودنا على الأرض، حيث هناك هدف نسعى إليه، هو أن نعيش مع المسيح... قائلين:
" إن عشنا فللرب نعيش، وان متنا فللرب نموت، فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن" (رو14: 7،